حكم تكفير المسلم بغير بينة
إن تكفير المسلم سواء كان عربيا أو غير عربي يعتبر أمرا خطيرا وزللا عظيما، فلا يجوز للمسلم أن يصف أخاه المسلم بالكفر ويكفي في بيان خطورة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه. رواه مسلم.
وروى الترمذي: ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله.
قال ابن تيمية: وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وان أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. انتهى.
.
إطلاق الكفر على من ثبت له عقد الإسلام من غير حجة بينة أو تأويل معتبر؛ يعد خطراً عظيماً على قائله وإثماً جسيماً في حقه، وجرأة قبيحة في الدين، إذ هو من أشنع الأذية التي تلحق بالمؤمن، وقائلها محتمل للبهتان والوزر، كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}[الأحزاب: 58].
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) [ رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم ].
عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهًا أَحَدُهُمَا »
في الحديث تهذيب الشرع لجارحة اللسان خصوصا ولجميع الجوارح، وفيه تعظيم جانب الأخوة الإسلامية، الأخوة سياج عظيم قوي إياك أن تخرقه بغير حق، إياك أن تسعى في نقده بغير حق فإن الدائرة تكون عليك، وفيه خطورة القول بلا علم، عموما وخصوصا خطورة القدح في عقائد الناس بلا علم، وفيه أيضا أن الجزاء من جنس العمل.
وكما تقدم أن هذه القاعدة جاءت في آيات كثيرة في القرآن، بل الإسلام كله كما يقال: الجزاء من جنس العمل، ويعفو عن كثير، وفيه كمال عدل الله عز وجل، فقد باء بها أحدهما، كاللعن، إذا لعن أحد صاحبه ترتفع اللعنة إلى السماء فتغلق دونها أبواب السماء فترجع، فإن كان الملعون مستحقا لها، وإلا ردت على صاحبها.
وفيه أن العناية بفهم منهج أهل السنة فيه نجاة للعبد من الخلل والشطط والزلل، فهنا يقال: إن هذه الألفاظ تكفير، الناس فيه أيضا على أطراف ثلاثة: قسم يكفر بمجرد أي شيء دون التحقق، وقسم يمنع التكفير بل لا يسمي الكافر كافرا والعياذ بالله، الآخر أو الناس أو الطرف الآخر، والقسم حب التناهي غلط خير الأمور الوسط، من قامت عليه الحجة والمحجة، وعلى قواعد أهل العلم أن من يَكْفُر يكفَّر، أما أن يطلق الإنسان لسانه، كما نسمع الآن هذا كاتب علماني، هذا كذا، ولو قلت لمتكلم أما تتقي الله الآن كفرته، بأي ذنب قتلت، بأي ذنب كفرته، قال: قال كذا، هلا سألته، هلا تأكدت أن قوله هذا صريح الكفر؟
- ولهذا كان أهل العلم يشددون في هذه المسألة، التكفير إخراج الناس من دينهم، يذكرون قد ينسى الإنسان قد يغفل قد يكون للتأول له مخرج، اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، فالقصد من هذا أن أمور التكفير وضوابط التكفير من الأهمية بمكان، فالحذر كل الحذر أن تولج نفسك بابا لا تدري ما وراءه.
- لهذا يُنهَى بعض المتسرعين عن إطلاق هذه الألقاب فلان كذا فلان علماني، فلان يعني كافر، فلان كذا، ولو سألتَه لماذا؟ وجدت أنه لم يسأل في هذا إطلاق هذا الحكم، أو سأل من لا علم عنده، فالحذر أيها الأكارم، سأل الشوكاني شيخا له عن تكفير أحدهم فيما أذكر أنه الشوكاني يقول، فيما أذكر الآن والعهد بها بعيد، يقول: ألححت على شيخ لي عن كفر أحد، فلما أضجرته قال: يا بني، إن إخراج رجل من الملة ليس بالشيء الهين، فالحذر أيها الأكارم.
.
المصدر منتديات مسلمة النسائية واسلام ويب