السبت يوليو 20, 2013 11:09 pm | المشاركة رقم: # |
---|
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو محترف | الرتبه: | | الصورة الرمزية | |
البيانات | مساهماتيـﮯ : | 817 | دولتيـﮯ : | | جنسيـﮯ : | | نقاطيـﮯ : | 1721 | تقيميـﮯ : | 20 | عمريـﮯ : | 26 | mms : | |
الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | |
| موضوع: الفرزدق والذئب
الفرزدق والذئب الفرزدق والذئب |
| دكتور عثمان قدري مكانسي |
ورد في الأغاني أن ابنة عم الفرزدق ، النوار ، خطبها رجل ، فطلبت من الفرزدق - ابن عمها أن يكون وليّها ، فطلب منها أن تُشهد الناس أنّه وليُّها ، فوافقت وأشهدَتهم أنّه وليّها ، فقال : " اشهدوا أنني زوجت النوار من نفسي ، " فغضبت النوار ، وهربت منه إلى الزبير ، وكان واليا على الحجاز والعراق ، واستجارت به فاحتال الفرزدق حتى أعادها ، وتزوّجها ، ويبدو أنّه لم يسعد معها ، فقد تزوّج عليها امرأتين ، وتزايد نشوزها إلى أن طلقها ، وكانت امرأة ذات دين وخلق ساهما في ابتعادها عنه – فقد عُرف عنه التهاون فيهما - ويظهر أنها كانت تتعالى عليه، وهي عنده ، و عندما هربت منه ، ثم عندما طلّقها وندم ندما شديداً، فأنشد : ندمت ندامة الكسعيّ لمّـا *** غدَتْ مني مطلقةً نوارُ لن أتحدث عن نوار فقصتها معروفة لكنني أقف على مقدمة القصيدة الغريبة التي لم يعتد النقاد على مثلها ، هذه المقدمة كانت في تصوير الفرزدق موقفاً لم يكن يريده - ولربما اصطنعه لأمر في نفسه - حينما فرض أحد الذئاب الجائعة نفسه عليه يريد التهامه أو مشاركته في الشواء الذي جذبته رائحته من بعيد ، وساعد على ذلك نار الشواء في هذا البرية الصحراوية المظلمة . ولعله – إن تقرأِ القصيدة - يريد أن يقول : إن النوار والذئب كانا من أهل الغدر ، فقد فتح قلبه لهما ، فكانا غادرين لم يرعيا عهده . وسواء كانت قصته مع الذئب حقيقية أم غير ذلك – من بنات خياله – فقد كانت رائعة ذات صور تقليدية ، وذات صور مرسومة ممتدة تعتمد على ( الكلمات واللون والصوت والرائحة ) الأبيات : وأطلس عسال وما كان صاحبا *** دعـَوت بنـاري مـَوهِـنا فأتـاني فلما دنـا قلت ادن ،دونـك ، إنّني *** وإيـاك في زادي لـمشـتـركـان فـَبـِتّ أقـُدّ الـزاد بـيـني وبـيـنــه *** على ضَـوء نـارٍ مـرّة ودخـان فقـُلـت لـه لـمّـا تكشّـر ضاحكـا *** وقائـم سـيـفي من يدي بمكـان تعـشّ فإن عاهدتني لا تخـونني *** نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما *** أخـَيـّيـْن كـانـا أرضِعـا بـِلـَبـان ولو غيـْرَنـا نبّهـتَ تلتمس القـِرى *** أتـاك بسـهـم أو شـَبـاة سـِـنـان وكلّ رفيـقـَي كلّ رحل وإن هما *** تعـاطى القنـا قوماهما أخـَوان وإنـا لـَتـَرعى الـوحـشُ آمنـةً بنا *** ويرهبنا – إن نغضبِ- الثقلان فالذئب : أطلس اللون ( فيه غبرة إلى السواد ) أتاه يعسل ( يسرع بمشية مطّربة) وهذه مشية الراغب في الحصول على شيء يريده متلهفاً إليه . والفرزدق في أخرة من الليل وهدْأة فيه أشعل النار ليأنس في هذا الليل الهادئ البهيم ويرى ما حوله خشية أن ينقض عليه وحش أو هامة ، وشغل نفسه بالشواء ، أو بغيره ، فالزاد يُطلق على ما يتزود به المسافر أيّاً كان . ولم يكن الفرزدق يرغب في رؤية هذا الذئب الذي دعته النار ورائحة الطعام إليه ، ولكنه بإشعال النار كانت الدعوة ، وما كل من أوقد النار رغب بالضيف . والدليل على أنه لم يرغب فيه قولـُه : دعوتُ . ولم يقل : دعوته .- دون النظر إلى وزن البيت - لكنه فوجئ به يعسل باتجاهه . لقد أجاب الذئب دعوته مسرعاً ، وكان يودّ لو كان المجيب غزالاً أو حيواناً أليفاً يأنس كل منهما للآخر في هذه الفلاة القفر .
لقد كان الفرزدق خائفاً ، ولو ادّعى الشجاعة والبطولة . لقد كشف نفسه من حيث كان يريد أن يمتدحها لعوامل عدة ، منها : 1- أنه قال للذئب :( ادنُ )، ولن يحتاج الذئب لسماح الفرزدق له بالدنوّ ، ولكنّه إثبات للذات وسبيل للتحدي . 2- لقد قال له متحفزاً للدفاع عن نفسه بعد أن اقترب أكثر : (دونك ) إياك أن تقترب أكثر من هذا . 3- اضطراره مشاركته في زاده ، فهو ابتداء لم يدْعه ، ولكنْ لا بد مما ليس منه بُدّ ، فالذئب جائع وقد أسرع إليه ودنا منه يريد أن يأكل الشاعر ، فإن لم يستطع فما يقدمه الشاعر له . 4- قال : ( في زادي ) فالزاد للشاعر وهو في الظاهر يكرمه إلا أنه مضطر أن يشاركه فيه ولو كان زاده ، وكان أولى أن يقول ( في الزاد ) بغض الطرف عن وزن البيت ، فنحن نغوص في نفسية الشاعر ونقرأ ما وراء السطور . 5- ثم قوله ( إنني وإياك) وكان المختصر المفيد أن يقول ( إننا ) 6- التوكيد المتكرر في قوله (إنّ مع الضمير المتصل ، ثم الضمير المتصل المنصوب : إياك ، ثم اللام المزحلقة في : لمشتركان ) حديث مستفيض يريد أن يملأ الوقت ويسمع الذئب صوته القوي فيبعده .. وكثيراً ما نرى الخائف في الليل أو في مكان موحش يكلم نفسه بصوت عال يواري به خوفه ، ويسرّي عن نفسه . 7- وتصور معي الفرق بين ( أقدّ الزاد ) و( أقطّ الزاد ) فالقدّ بالدال أقوى من القَطّ ويحتاج إلى عزم أشد وتلويح بالقوة أكبر . 8- ويستر خوفه بصوت ( القدّ) يري الذئب – على ضوء النار تارة وضوء الدخان تارة أخرى – عملية ال( القدّ ) هذه ( يعتمد على الصوت واللون ) في إبعاد الذئب عن الوثب نحوه . 9- لا شك أن الحريص على حياته أمام الذئب يظل ممسكاً بقوة بمقبض سيفه ، ولكن حينما تدعو أحدهم إلى طعامك ، ويظل مكشراً يبغي المزيد أو الوثوب عليك تطرده وتمتنع عن الاستمرار بإطعامه ... أما أن تقول له بعد كل ما قدمتَه – غير عابئ بك – يضحك منك مكشراً ( تعشّ) فهذا استجداء للأمان مغلف بالخوف والرغبة بالسلامة في أدنى صورها . 10- وبعد كل هذا يطلب إليه العهد بالأمان وعدم الخيانة ( فإن عاهدتني لا تخونني ) 11- كما أن الخوف ظاهر بوضوح في تكرار كلمة ( يا ذئب ) . فكيف يطلب الصحبة والعهد من غدار؟ بل إن الذئب أُشرب الغدر فكان صفة ملازمة فيه ! ومع ذلك فهو يريده أخاً وصفياً فالذئب عند الشاعر ( امرؤ) وإنسان سوي يمكن معاهدته !: وكلّ رفيـقـَي كلّ رحل وأن هما *** تعـاطى القنـا قوماهما أخـَوان ونعتقد أن الشاعر تأثر لغدر نوار إياه – كما يرى - فغلف غدرها بقصة الذئب . أرغب إلى الدارسين –إن أحبوا أن يقارنوا بين الغدرين أن يعودوا إلى قصيدة الشاعر فهي معاناة إنسانية تستحق الوقوف عنها على الرغم مما استنبطته من موقفه والذئب ، فمهمتنا – معشر النقاد – أن نجلو المواقف ونترك للآخرين أن يحكموا دون أن نفرض عليهم ما نريد . |
|
| |
الأحد يوليو 21, 2013 12:50 pm | المشاركة رقم: # |
---|
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو متألق | الرتبه: | | الصورة الرمزية | |
البيانات | مساهماتيـﮯ : | 388 | دولتيـﮯ : | | جنسيـﮯ : | | نقاطيـﮯ : | 464 | تقيميـﮯ : | 20 | عمريـﮯ : | 27 | mms : | |
الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | |
| موضوع: رد: الفرزدق والذئب
الفرزدق والذئب يسلموو ع الطرح الرائع ننتظر المزيد من ابداعك ولا تحرمنا من جديدك ودي لك
|
| |
الأحد يوليو 21, 2013 1:01 pm | المشاركة رقم: # |
---|
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | | الرتبه: | | الصورة الرمزية | |
البيانات | مساهماتيـﮯ : | 602 | دولتيـﮯ : | | جنسيـﮯ : | | نقاطيـﮯ : | 613 | تقيميـﮯ : | 19 | عمريـﮯ : | 26 | mms : | |
الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | |
| موضوع: _da3m_1
الفرزدق والذئب موضوع رائع بوركت
|
| |