ويل للمتألين من أمتي
حدثت عَن أبي ظبْيَان قَالَ: قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «ويل للمتألين من أمتي قيل يَا رَسُول الله وَمَا المتألون قَالَ: الَّذين يَقُولُونَ فلَان فِي الْجنَّة وَفُلَان فِي النَّار»
وَحدثت عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «لَا تَقولُوا أمتِي فِي الْجنَّة وَلَا فِي النَّار دعوهم حَتَّى يكون الله يحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة»
فإن على المسلم أن يحذر من التألي على الله والحكم عليه والتقنيط من رحمته فإن الله تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{البقرة284} ويقول تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ {الأعراف156} ويقول تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{الحجر49}.
ومن محبطات العمل التألي على الله، ففي صحيح مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. إن الله تعالى على كل شيء قدير، وهو يتوب على عبده إن شاء ولو جاوز السبعين ما لم يغرغر، بل ويغفر لمن يشاء من عباده ولو من غير توبة، وبيان ذلك أن الله تعالى رحمته وسعت كل شيء، ومهما فعل العبد من الذنوب والمعاصي فإن رحمة الله واسعة، كما قال الله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ {النجم:32}، وقال تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {البقرة:284}، وقال تعالى: يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ {العنكبوت:21}،
ولما رأى رجلُ رجلاً مصراً على المعاصي قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال: من ذا الذي يتألى -أي يحلف- علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك. رواه مسلم.
.عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوما على الذنب فقال: له أقصر فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: كنت بي عالما أو كنت على ما في يدي قادرا، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار » قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته) صحيح الجامع (4455) ,
فالتألي : تدخل في قدرة الله وملكوته، والتدخل في مشيئته، والحكم على مآل عباده من نعيم الجنة أو عذاب النار
فبعض الناس يحكمون على اخرين بالكفر أو بالخروج من رحمة الله لمجرد الاختلاف في تفسير آية أو حديث، أو لمجرد الاختــلاف المذهبي ، أو حتى لمجرد الاختلاف في العقيـدة او لاحقاد شخصية ينصبـون أنفسهم ألهة من دون الله ويفتشون في صدور الناس ، ويدخلون هذا الجنة ويدخلون هذا النار
فلأصل عندنا ألا نحكم لمعين بجنة ولا نار إلا من حكم له الله تعالى كأبي لهب وأبي طالب فهما في النار ، وأبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ في الجنة ، والحكم على المعين بالنار من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى وقد قال : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) وقال تعالى : ( عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (المؤمنون:92) ، وهذا من التألي على الله جل وعلا .