فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ
قال رسول صلى الله عليه وسلم (طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين).
لا يُخاف إلا الله ولا يرجى إلا هو. فمن مُليء قلبه خوفاً من أن يناله مكروه أو عذاب فنكص على عقبيه فأبعده الله ومن ناله عذاب فنكص وارتد ولم يستحضر عذاب الله فأبعده الله.
نعلم إن بين الخوف والأحترام خيط رفيع قد ينقطع في أي وقت
ولكن هل صحيح إن الخـــــوف يّولـــد الأحترام للشخص الآخر
بالمعنى الحقيقي للأحتـرام... أم إن الأحتـرام قد يشكل نوع مأنواع الخوف الترهيبي للأنسان.
ان الاحترام المبنى على خوف لا يكون احتراما بالمعنى المحدد و لكنه يتحول الى معنى آخر يكون ظاهره احتراما و لكنه فى حقيقته خضوعا و طاعة ناتجين عن الخوف
ان الفرق بين الخوف والاحترام كبير وفقط الله من يستحق الخوف منه
اما الخوف من البقية فيأتي من باب الاحترام لله والخوف من الله فمثلا
طاعة الوالدين واحترامهم هي من طاعة الله والاحترام هنا جاء من الخوف من
الله لا منهم بل يبقى لهم الاحترام والمودة والتقدير تطبيقا لاوامر الله الذي وجبت مخافته
الاحترام = شعور بالفضيله نابع من اعماق جوارح الانسان تجاه اخوه الانسان
اما الخوف = هو الانصياع بالاكراه او الانجبار على مسايره اراء واهواء الطرف الاقوى
أخي المسلم فمن هذا الذي تخافه ؟ ومن هذا الذي تخشاه ؟ أليس هو الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا أوَليس هو الذي حوله وقوته من عند الله وبيد الله ألسنا القائلين (لا حول ولا قوة إلا بالله ) أليس هو الذي ناصيته بيد الله يتصرف فيه كيف يشاء ((ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم))
أليس هو الذي قال الله فيه ((وما تشاءون إلا أن يشاء الله)) فهذا الذي تخافه وتخشاه !، حتى يضرك ويؤذيك فإن أمامه عقبات وعقبات شروط وموانع حتى يتم له ما يريد إذ ليس هناك سبب مستقل بالتأثير لوحده في هذا الملكوت المخلوق ولو استجمع الشروط كلها وانتفت موانعه فالأمر متعلق بمشيئة الله ، فما شاء الله كان ولو لم يشأ الناس وما لم يشأ الله لم يكن ولو شاء الناس . وأن الشيء الوحيد المستقل بالتأثير لوحده في هذا الكون هي مشيئة من يقول للشيء كن فيكون.
وفي هذا كفاية لأن لا يُخاف إلا الله ولا يرجى إلا هو. فمن مُليء قلبه خوفاً من أن يناله مكروه أو عذاب فنكص على عقبيه فأبعده الله ومن ناله عذاب فنكص وارتد ولم يستحضر عذاب الله فأبعده الله.
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ)(العنكبوت: من الآية10)
تتجسد خطورة تحكم الخوف السلبي في الإنسان عندما يتحول إلى خوف الإنسان من الإنسان فيقوده إلى الخضوع للظلم والفساد والرضا بالمعصية ، ليدفع عن نفسه غضب الطغاة ، وذوي المصالح والجاه، وليحفظ لنفسه مكاسب الدنيا من المال والجاه والسلطة . . الخ .
وكم عانت البشرية من هذا النمط من الخوف الهدام والجبن ، فلولا هذا الخوف لما وجد الطغاة من يعينهم على ممارسة الظلم والكفر والطغيان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: أنَّا مأمورون بأن نتحرى رضا الله ورسوله، كما قال تعالى: "وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ" [التوبة: 62]، وعلينا أن نخاف الله فلا نخاف أحدًا إلا الله كما قال تعالى: " فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 175]، وقال: "فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ" [المائدة: 44]، وقال: " فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " [النحل: 51]، "وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ " [البقرة: 41]، فعلينا أن نخاف الله، ونتقيه في الناس، فلا نظلمهم بقلوبنا ولا جوارحنا، ونؤدي إليهم حقوقهم بقلوبنا وجوارحنا؛ ولا نخافهم في الله فنترك ما أمر الله ورسوله خيفة منهم.