معنى قوله تعالى: ( إن قرآن الفجر كان مشهوداً )
المقصود
بـ " قرآن الفجر " في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ
الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الإسراء/78 ، هو القراءة في صلاة الفجر ، كما
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم من السلف .
وتسمية الصلاة بأنها "
قرآن " لأن القرآن ركن من أركانها ، وهو قراءة الفاتحة فيها ، كما تسمى
الصلاة ركوعاً وسجوداً ، لأن الركوع والسجود ركن فيها .
وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : (فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الْوَاحِدِ
خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً ، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ
وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، يَقُولُ أَبُو
هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ
قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) رواه البخاري (4717) ومسلم (649) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله :
"
وأما قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فإن معناه : وأقم قرآن الفجر : أي ما
تقرأ به صلاة الفجر من القرآن ، والقرآن معطوف على الصلاة في قوله :
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، وكان بعض نحويي البصرة يقول :
نصب قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) على الإغراء ، كأنه قال : وعليك قرآن
الفجر ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) يقول : إن ما تقرأ به
في صلاة الفجر من القرآن كان مشهودا ، يشهده فيما ذكر ملائكة الليل وملائكة
النهار ، وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وجاءت الآثار عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم" انتهى من " جامع البيان " (17/520) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقوله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني : صلاة الفجر" انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (5/102) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"وعبر
عنها بالقرآن خاصة دون غيرها من الصلوات ؛ لأن القرآن هو أعظمها ، إذ
قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور" انتهى من "الجامع لأحكام
القرآن" (10/304) .
والله أعلم .