انتبهوا...فرسومهم ليست مجـــــرد شخبطــــة
________________________________________
يمسك الطفل بلعبة ألوان يأخذ قلما ويحني رأسه فوق الورقة البيضاء ثم يبدأ خطوط أقواس دوائر وأشكال وألوان
نحن نعلم مع ذلك إن العملية ليست مجرد شخبطة وأنا هي "لغة بديلة" كما يؤكد الطب النفسي
فعندما يبدأ الطفل بالشخبطة إنما يحاول أن يخاطبنا بلغة الشكل عن طريق الخط فيجب تحليله إذن باعتباره مفاتيح للكشف عن شخصية الأطفال وأنماطهم واتجاهاتهم
الطب النفسي يهتم برسوم الأطفال كما يهتم النقد الفني برسوم التشكيليين الكبار! وتعتبر رسوم الأطفال أداة جيدة لفهم نفسية الطفل، اتجاهاته ورغباته العميقة ومشاعره الدفينة، وإذا كنا نستخدم الكلام كلغة أولى نستطيع التعبير من خلالها، فإن الطفل لا يستطيع أن يطوع الكلمات وفق مقصده وما يعتمل في نفسه من أحاسيس، ورغبات واحباطات، ومن ثم لا بد من مدخل آخر لإقامة الحوار بلغة بديلة، هذه اللغة، النابعة من الأعماق هي لغة الرسم
الدراسة النفسية الحديثة لرسوم الأطفال، تتضمن الكشف عن طبيعة هذه الرسوم، من خلال ملاحظات عرضية أو مقصودة، وما يتعلق بالرسمة من مظاهر محددة كالحجم والتفاصيل وخطوط الرسم وتعبيرات الوجه وكون الشكل مرسوما من الجانب أو الأمام وأيضا وضع الشكل في حيز ورقة الرسم ، كذلك أسلوب الطفل مثل التأكيد، المبالغة، والحذف، والإهمال والتضليل أو المحو والضغط على الخطوط والتلقائية.
هذه الطريقة تسمى دراسة الحالة Case - Study وقد اتبعتها العالمة هلجا لنج، كما اتبعها جورج روما وغيرهما من الباحثين، وهي تتميز بالحصول على الرسوم في ظروف تلقائية لا ضغط فيها من الخارج، الذي يعيبها أنها ذات طابع فردي، وأن ما قد يسجله طفل ليس بالضرورة قاعدة لكل الأطفال
رسوم الأطفال..
ليست مجرد "شخبطة"!
تبدأ "المرحلة التصويرية" للطفل من سن ثلاث إلى أربع سنوات، أما ما قبلها فإن الطفل يعبر عن نفسه من خلال العلامات. ومع ذلك فإن قدرته التعبيرية تفتقر إلى إمكانية فهم الرسالة الموجهة إلينا كمعالجين، ثم ينتقل الطفل من مرحلة ما يسمى بالشخبطة ليصل إلى التنظيم التصويري للأشكال، لذلك فلغة الرسم تدرك على أنها تمثل شيئاً ما بالنسبة للطفل.
تفسير الشخصية
ومن خلال تحليل الرسوم للمرضى النفسيين من الأطفال يمكن استخلاص دلائل وأسس صالحة لتفسير الشخصية:
أولا: الرسوم التلقائية العاكسة لداخل الطفل تعتبر خاصية للأطفال ذوي المشاكل العاطفية الحادة.
ثانيا: يشير عدم تناسق الأحجام والأبعاد في الصور إلى وجود شحنة عاطفية متزايدة لدى الطفل تجاه الشخص الذي يرسمه.
ثالثا: يكشف غياب اللون في بعض العناصر في اللوحة عن فراغ عاطفي وأحيانا نزعة ضد المجتمع.
يؤكد تشزاري جلفاري، وهو أحد علماء النفس الذين طبقوا النظرية الاسقاطية لفرويد، أن الرسم ثمرة نبع طبيعي خلاق داخل الطفل يدفعه إلى أن يهرس، ويحطم، ويخط، ويقطع، ويرسم علاقة ويحول نفسه إلى المادة ويترك لنفسه أثرا.
وإذا كان الرسم يدخل في إطار الاختبارات الإسقاطية، فإن أمام المستخدم لهذا الاختبار عملاً شاقاً، فلا بد أن يقارن بين الأشكال، وألا يغلق باب البحث، وأن يستخلص إشارات ومعلومات حول التطورات النفسية على المستوى العاطفي. فكل الرسوم تعد بمثابة وسيلة يمكن استخدامها في المجال النفسي التحليلي على أن يتم جمع هذه الأعمال وفق المعايير البسيطة مثل تاريخ تنفيذ العمل وعمر الطفل المنفذ للعمل وإضافة تعليقات الطفل على الرسومات والظروف التي دفعت الطفل لاختيار الموضوع حتى يكون هناك موضوعية لذلك.
أما الاختبارات الاسقاطية فهي أداة لقياس انطباع الفرد ومشاعره تجاه ذاته وتجاه والديه ومدى تقبله أو رفضه لهما، كذلك تشتمل على خبرات الطفولة السارة منها والمؤلمة، والمواقف التي يخجل منها والخبرات المدرسية حتى الوصول بالخبرات الخاصة بالعمل وعلاقته بمرؤوسيه، ومن أهم الاختبارات الاسقاطية بقع الحبر لروشاك.
قل لي ماذا ترسم أيها الصغير.. لأقول لك من أنت!
نماذج وأمثلة مدروسة:
حجم الرسمة: يعطي الحجم في الأشكال المرسومة أهمية خاصة في إلقاء الضوء على شخصية الطفل من حيث واقعيته في تقدير ذاته:
الرسوم الكبيرة التي تشغل الصفحة كلها تميز الأطفال العدوانيين وأيضا تميز ذوي النشاط الزائد.
وقد تعبر عن شعور الطفل بالعجز عن الحركة والإحباط وقد تبرز رغبة الطفل في التعويض وإحساسه بعدم الثقة بالنفس فيرسم ما يتمنى تحقيقه أما الرسومات الصغيرة فقد تعبر عن الدونية ونقص الكفاءة أو الخوف والانطواء أو القلق رسم شخص ضئيــل للغـــاية..
عادة يقال عن الرسوم الضئيلة لشكل الإنسان إنها تدل على مشاعر النقص وعدم الكفاءة وانخفاض تقدير الذات، والقلق والخجل والانقباض والميول الاكتئابية والاعتمادية، والطفل الانطوائي يرسم الشكل الإنساني صغيراً جدا، وغالبا ما يهمل ملامح الوجه وتفاصيله
الـرأس..
اذا بالغ الطفل في تكبير حجم الرأس فهذا يدل على تضخم الأنا لديه اما الأطفال المتوافقين نفسيا فإنهم يرسمون الرأس بشكل ملائم للجسم..
الفــم..
الأطفال كثيرو الحديث أو العدوانيون يرسمون فماً كبيراً جداً بأسنان ذات حجم كبير كما لو كانوا على استعداد دائم للقطع والالتهام والأطفال المتوافقين نفسيا يميلون غالبا الى رسم حجم الفم مناسبا بالنسبة للجسم..
العيـون..
الأطفال المضطربون الذين يشعرون بأنهم مراقبون أو متحكم فيهم كثيرا ما يرسمون عيونا كبيــــرة ذات نظرة متشككة نافذة اما الذين يميلون الى رسم العين على شكل دوائر صغيرة فهذا يدل على الاعتمادية وضحالة الانفعال... وكذلك يكون حذف الطفل لعيون الشكل الإنساني دليلاً على عدم الرغبة في الاختلاط بالآخرين..
الأنــف..
بطبيعة الحال الأطفال المتوافقون ذاتياً يرسمون الأنف مناسبا للجسم والتأكيد على فتحتي الأنف وتكبيرها يدل على العــدوان.
العنـق..
الطفل الذي يرسم عنقاً مبالغاً في الطول يعني أنه هناك مصاعب في الوصول الى تحقيق رغباته المطلوب إشباعها ومن الأطفال الذين يعانون كذلك من يقوم بحذف العنق نهائيا..
الأيـدي..
تدل الأيدي الممتدة للخارج على رغبة في الاتصال بالبيئة أو الأشخاص الآخرين أو رغبة في المساعدة والتفاعل.. فالأيدي الكبيرة توجد في رسومات الأطفال الذين يسرقون والأيدي الصغيرة تدل على المشاعر المرتبطة بعدم الأمن وقلة الحيلة... كذلك الطفل العاجز والمنطوي ربما ينسى أن يرسم الأيدي باستمرار .