الخشوع في الصلاة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد:
ماهو الخشوع في الصلاة ؟
الخشوع في اللغة : الانخفاض والذل والسكون. (مدارج السالكين 1/525)
وقيل : أصل الخشوع : اللين والسهولة .
وذكر بعض المفسرين أن الخشوع في القرآن على أربعة
أوجه : -
أحدها : الذل . ومنه قوله تعالى في طه : وخشعت الأصوات للرحمن ، وفي سأل سائل : خاشعة أبصارهم .
والثاني : سكون الجوارح . ومنه قوله تعالى في المؤمنين : الذين
هم في صلاتهم خاشعون ، وفي حم السجدة : ( ومن آياته أنك
ترى الأرض خاشعة
.
والثالث : الخوف . ومنه قوله تعالى في الأنبياء : ( ويدعوننا رغبا
ورهبا وكانوا لنا خاشعين ( .
والرابع : التواضع . ومنه قوله تعالى في البقرة : ( وإنها لكبيرة إلا
على الخاشعين . (نزهة الاعين النواظر في علم الوجوه والنظائر )
الخشوع في الشرع :هو انكسار القلب بين يدي الله ورقته ولينه.
ذكر الله في كتابه العزيز (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) وقال مجاهد وغير واحد: يعني: الخشوع والتواضع .(تفسير ابن كثير)
ومن اسباب الفلاح هو الخشوع في الصلاة لقول الله تعالى { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } [ المؤمنون : 1 - 2 ] قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { خَاشِعُونَ } : خائفون ساكنون. وكذا روي عن مجاهد، والحسن، وقتادة، والزهري.
وعن علي بن أبي طالب، رَضِي الله عنه: الخشوعُ: خشوعُ القلبِ. وكذا قال إبراهيم النخعي.
وقال الحسن البصري: كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا الجناح. (تفسير ابن كثير)
وقال محمد بن سيرين: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، فلما نزلت هذه الآية: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم ( صحيح كتاب الايمان لشيخ الاسلام بتحقيق الشيخ الالباني رحمه الله
كيف يكون الخشوع في الصلاة ؟
والخشوع في الصلاة إنما يحصل بمن فَرَّغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقُرَّة عين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حُبِّبَ إليَّ الطِّيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة" ( المسند (3/128) وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا مِسْعَر، عن عمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أبي الجَعْد،عن رجل من أسلَم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بلال، أرحنا بالصلاة" المسند (5/364)
وايضا ازيد كلاما للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
السؤال: فضيلة الشيخ: ما أهمية الخشوع في الصلاة؟ وكيف يكون الإنسان خاشعاً في صلاته؟
الجواب: أهمية الخشوع في الصلاة على وجهين: الوجه الأول: أنه كمال للصلاة، بل هو لب الصلاة، وروحها، والخشوع يعني: حضور القلب بحيث إن الإنسان يكون حال الصلاة وهو يقرأ ويركع ويسجد مستحضراً هذه العبادة العظيمة، فلا يفعل هذه الأشياء وقلبه في مكان بعيد. والوجه الثاني: أن الخشوع في الصلاة أكثر ثواباً، وقد امتدح الله عز وجل الذين هم في صلاتهم خاشعون. أما ما يعين على الخشوع فهو: أن الإنسان يفرغ قلبه إذا أقبل على الصلاة تفريغاً كاملاً، ويشعر بأنه واقفٌ بين يدي الله عز وجل، وأن الله عز وجل يعلم ما في قلبه كما يعلم تحركاته في بدنه، ليس كالملوك، يمكن أن تقف أمام الملك متأدباً بظاهرك وقلبك في كل مكان ولا يعلم، لكن الله عز وجل يعلم ظاهرك وباطنك، فاستحضر أنك بين يدي الله، وإذا قلت: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] استحضر أن الله يجيبك؛ لأنه ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال: مجدني عبدي، وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين، وإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل). لو أننا استحضرنا هذه المحاورة مع الله عز وجل، هل يمكن أن تلتفت قلوبنا يميناً أو شمالاً؟ لكن المصلي في غفلة؛ فمن أكبر العون على الخشوع أولاً: أن يتعقد الإنسان أنه واقف بين يدي الله. ثانياً: أن يعتقد أن الخشوع من كمال الصلاة، وأن الإنسان ربما ينصرف من صلاته وما كتب له منها إلا نصفها أو ربعها أو عشرها. ثالثاً: أن يعتقد كثرة الثواب بالخشوع، فهذه من الأسباب أن الإنسان يستحضر ذلك، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثان) لماذا؟ لأن قلبه مشغول. (لقاء الباب المفتوح )
{ تنبيه } : هناك فرق بين الخشوع والبكاء ، فالخشوع حضور القلب وليس هو البكاء والخشوع من كمال الصلاة فالصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح . (الضياء اللامع من صحيح الكتب الستة وصحيح الجامع (1/180)
عتاب وذم للذي لم يخشع في كتابه وتلاوته واذكاره كما في قوله تعالى { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) } حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ... ) الآية. ذُكر لنا أن شدّاد بن أوس كان يروي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: "إن أوَّل مَا يُرْفعُ مِنَ النَّاس الخُشُوعُ (تفسير ابن جرير الطبري). وهذا الحديث صحيح له عدة طرق كلها صحيحه. قوله "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" يعني في العلانية وباللسان.
وقال آخرون نزلت في المؤمنين (1) قال عبد الله بن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" إلا أربع سنين (2) .
وقال ابن عباس: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن، فقال: "ألم يأن" (3) ألم يَحِنْ للذين آمنوا أن تخشع: تَرِقَّ وتلين وتخضع قلوبهم لذكر الله { وَمَا نزلَ } قرأ نافع وحفص عن عاصم بتخفيف الزاي وقرأ الآخرون بتشديدها { مِنَ الْحَقِّ } وهو القرآن { وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ اُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ } وهم اليهود والنصارى { فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ } الزمان بينهم وبين أنبيائهم { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } قال ابن عباس: مالوا إلى الدنيا وأعرضوا عن مواعظ الله والمعنى أن الله عز وجل ينهي المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والنصارى الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر. (تفسير البغوي)
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ من قلب لايخشع لقول النبي صلى الله عليه وسلم
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَيَخْشَعُ ، وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ ، وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ.
هناك سؤال الا وهو لماذا يرفع الخشوع من الامة ؟
فاما الاجابة على الاول لان الناس انشغلوا بحب الدنيا والميل اليها وتركوا الواجبات التي عليهم واهم واجب هو توحيد الله والعمل به لان الناس اذا عرفوا التوحيد وعرفوا معناه وعملوا بمقتضاه يصبح عندهم خشية ثم يكون بعد ذالك يكون عندهم خشوع في القلب فاذا خشع القلب خشعت الجوارح واذا عرفت ماهو التوحيد يجب عليك ان تعرف ماهو الشرك وكيفية الخلاص منه لان المرء قد يشرك من حيث لايعلم فيصبح عنده قساوة في القلب وهذا ينافي الخشوع .
السؤال الثاني لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من قلب لايخشع ؟
الاجابة على هذا السؤال اذا كان القلب لم يخشع لم تخشع جوارحه وهذا فيه تحذير قد يخشع الانسان بجوارحه بدون خشوع القلب وهذا مايسمى بخشوع النفاق فلابد مراجعة النفسوكل واحد منا يسال نفسه هل حقق الخشوع في صلاته وفي تلاوته وفي اذكاره اذن ندعوا الله عزوجل ان نقول ي كل صلاة اللهم انا نعوذ بك من قلب لايخشع .
واليكم اثار السلف في كيفية خشوعهم في الصلاة ؟
وقال الأوزاعي ، وسئل عن الخشوع في الصلاة ؟ قال : غض البصر ، وخفض الجناح ، ولين القلب ، وهو الحزن . وقال مسلم بن يسار والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : ينظر إلى موضع سجوده قال أبو بكر : والنظر إلى موضع السجود أسلم وأحرى أن لا يلهو المصلي بالنظر إلى ما يشغله عن صلاته ، وهذا قول عوام أهل العلم (الاوسط لابن المنذر)
حدثنا إسحاق أنا الثقفي عن أيوب عن محمد قال كانوا يقولون لا يجاوز بصره مصلاه فإن كان قد استعاد النظر فليغمض.
حدثنا إسحاق أنا جرير عن منصور عن أبى الضحى عن مسروق قال قال عبدالله قاروا الصلاة .
منصور وقال مجاهد قال كان ابن الزبير إذا أقام في الصلاة كأنه عود من الخشوع.(تعظيم قدر الصلاة )
عن محمد بن عبد الله القرشى عن أبيه قال : نظر عمر بن الخطاب إلى شاب قد نكس فى الصلاة رأسه فقال له : ما هذا ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما فى القلب فمن أظهر للناس خشوعا فوق ما فى قلبه فإنما أظهر نفاقا على نفاق (الدينورى) [كنز العمال 22528]
اللهم لين قلوبنا واجعلنا من الخاشعين واجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريمالخشوع الصلاة
منقول للفائدة