يآ صآحِب الهم : توقف وإقرأ
قد يتنفّس أحدهم من ثُقب إبرة !
وقد يَنظر من خلال منظار مُغلَق !
فلآ يَرى في الأُفُق أمَلاً يَلُوح
بل لعلّه إذا رآم تفريجاً رأى ضيقاً
وإن نَشَد الفَرَح صَفَعَه الْحُزن
وإن أراد أن يَضحَك عُبِس في وجههُ
فهو ينتقل مِن هَـمٍّ إلى هـمّ
ويَخْرُج من غمّ ويَدخل في آخر
إلا أنّ دوام الْحال من الْمُحال
وربّ العزّة سبحانه أخبر عن نفسه بأنه (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)
قال عليه الصلاة والسلام : من شأنه أن يَغْفِر ذَنْباً ويُفَرِّج كَرْباً ، ويرفع قوماً ويخفض آخرين .
قال عبيد بن عمير : مِن شَأنه أن يُجيب داعياً أو يُعْطِي سائلا أو يَفُكّ عَانياً أو يَشْفِي سقيماً .
وقال مجاهد : كل يوم هو يُجِيب داعياً ويَكْشِف كَرْباً ويُجِيب مُضْطَراً ويَغْفِر ذنباً .
وقال قتاده : هو مُنْتَهَى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكوآهم .
ومن لُطْف الله وفضله وعظيم مِنَّتِه أنه لآشِدّةٌ إلا ويَعقبها فَرَج
وما من كَرْب إلا ومعه التنفيس
وقد يبتلي الله عباده ليَظهر منهم صِدق العبوديه
وليلجأوا إلى الله بالدعاء
ومِن جُوده وكرمه سبحانه وتعالى أن هيأ لِعباده أسباب النجاة
وأنْ دلَّهُم على طُرُق الخيرات
وجَعَل له نَفَحَات وأمَرَهم أن يتعرّضوا لِتلك النفحات
ففي الحديث : افعلوا الخير دَهركم ، وتَعَرَّضُوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يَستر عوراتكم ، وأن يُؤمِّن روعاتكم .
وهو سبحانه وتعالى يُخاطِب عباده كل ليله فيقول :
هل من سائل يُعطى ؟ هل من داعٍ يُستجاب له ؟ هل من مُسْتَغْفِر يُغْفَر له ؟ حتى ينفجر الصبح . كما في صحيح مسلم .
وروى محارب بن دثار عن عمّه أنه كان يأتي المسجد في السحر ويَمُرّ بِدَارِ ابن مسعود فسمعه يقول : اللهم إنك أمرتني فأطَعْتُ ودعوتني فأجَبْتُ وهذا سحر فاغفر لي . فسئل ابن مسعود عن ذلك فقال : إن يعقوب عليه الصلاة والسلام أخَّرَ الدعاء لِبَنِيه إلى السَّحَر فقال : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ) .
فيا صآحب الهـــــــــــــمّ ..
إعلم أن الفَرَج مع الكَرْب
وإن مع العُسر يُسْرا
يا صآحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فـإن الفـارِج الله
اليأس يَقْطَع أحيانـا بصاحِبِـهُ لآتيأسَـنّ فـإن الكافـي الله
الله يحدث بعد العُسْر مَيسـرةً لآ تجزعنّ فـإن الصَّانِـع الله
وإذا بُلِيتَ فَثِقْ بالله وارضَ به إن الذي يَكْشِف البلوىَ هو الله
والله ما لَك غير اللهِ مِن أحَـد ٍفَحَسْبُك الله .. في كلٍّ لـكَ الله
وأصدق منه وأبلَغ قوله عليه الصلاة والسلام : وإعلم أنّ في الصبر على ما تَكْرَه خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر وأن الفَرَجَ مع الكَرْب وأن مع العسر يُسرا .
يا صاحب الهــــــــــــمّ ..
لآتَغْفَل عن القرآن
ولآتُغفِل مصدر الفَرَج وأصل السعاده
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أصاب أحداً قط هَمٌّ ولا حُزن فقال : اللهم إني عبدك إبن عبدك إبن أمَتِك ناصيتي بِيَدِكماضٍ فيّ حُكمك عَدْلٌ فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت بهِ في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله هَمّه وحزنه وأبدله مكانه فرجا . فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها .
ويا صاحب الهــــــــــــمّ ..
لا تَجزعنّ لمكروه تُصَاب به فقد يُؤدِّيك نحو الصِّحة الْمَرَضُ
ويا صاحب الهــــــــــــمّ ..
إعلم أن الهـمّ أجرٌ وخير
ففي الحديث : ما يصيب المؤمن من وَصَب ولا نَصَب ولا سَقَم ولا حَزَن حتى الْهَمّ يُهَمَّه إلا كُفِّرَ به من سيئاته . رواه البخاري ومسلم .
ويا صاحب الهـــــــــــــمّ ..
الهـمّ رِفعةٌ في درجآتك
روى الإمام أحمد من طريق محمد بن خالد عن أبيه عن جده وكان لِجَدِّه صُحْبَة أنه خَرَج زائرا لِرَجُلٍ من إخوانه فبلغه شكاته قال : فَدَخَل عليه فقال : أتيتك زائراً عائداً ومبشراً قال : كيف جمعت هذا كله ؟ قال : خَرَجْتُ وأنا أريد زيارتك ، فبلغتني شَكَاتُك فكانت عِيادة وأبَشِّرُك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَةٌ لم يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه إبتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صَبَّرَه حتى يُبَلِّغَه المنْزله التي سَبَقَتْ له منه
يا صاحب الهــــــــــــــمّ ..
ألا ترى أن الهـمّ والْحزن والكَرْب مِحَنٌ في طـيِّـها مِنَحُ ؟!
مَعَ تَحيآتِى أمير سالم